يهديني سواء السبيل وعنى بقوله: تلقاء: نحو مدين ويقال: فعل ذلك من تلقاء نفسه، يعني به: من قبل نفسه ويقال: داره تلقاء دار فلان: إذا كانت محاذيتها، ولم يصرف اسم مدين لأنها اسم بلدة معروفة، كذلك تفعل العرب بأسماء البلاد المعروفة ومنه قول الشاعر:
رهبان مدين لو رأوك تنزلوا * والعصم من شعف العقول الفادر وقوله: عسى ربي أن يهديني سواء السبيل يقول: عسى ربي أن يبين لي قصد السبيل إلى مدين، وإنما قال ذلك لأنه لم يكن يعرف الطريق إليها.
وذكر أن الله قيض له إذ قال: رب نجني من القوم الظالمين ملكا سدده الطريق، وعرفه إياه. ذكر من قال ذلك:
20792 - حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: لما أخذ موسى في بنيات الطريق جاءه ملك على فرس بيده عنزة فلما رآه موسى سجد له من الفرق قال: لا تسجد لي ولكن اتبعني، فاتبعه، فهداه نحو مدين. وقال موسى وهو متوجه نحو مدين: عسى ربي أن يهديني سواء السبيل فانطلق به حتى انتهى به إلى مدين.
20793 - حدثنا العباس، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيد، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: خرج موسى متوجها نحو مدين، وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه، فإنه قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل.
20794 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ذكر لي أنه خرج وهو يقول: رب نجني من القوم الظالمين فهيأ الله الطريق إلى مدين، فخرج من مصر بلا زاد ولا حذاء ولا ظهر ولا درهم ولا رغيف، خائفا يترقب، حتى وقع إلى أمة من الناس يسقون بمدين.