* - حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد، في قوله وهم لا يفتنون قال: لا يبتلون.
فأن الأولى منصوبة بحسب، والثانية منصوبة في قول بعض أهل العربية، بتعلق يتركوا بها، وأن معنى الكلام على قوله أحسب الناس أن يتركوا لان يقولوا آمنا فلما حذفت اللام الخافضة من لان، نصبت على ما ذكرت. وأما على قول غيره فهي في موضع خفض بإضمار الخافض، ولا تكاد العرب تقول: تركت فلانا أن يذهب، فتدخل أن في الكلام، وإنما تقول: تركته يذهب، وإنما أدخلت أن هاهنا لاكتفاء الكلام بقوله أن يتركوا إذ كان معناه: أحسب الناس أن يتركوا وهم لا يفتنون، من أجل أن يقولوا آمنا، فكان قوله: أن يتركوا مكتفية بوقوعها على الناس، دون أخبارهم. وإن جعلت أن في قوله أن يقولوا منصوبة بنية تكرير أحسب، كان جائزا، فيكون معنى الكلام: أحسب الناس أن يتركوا: أحسبوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) *.
يقول تعالى ذكره: ولقد اختبرنا الذين من قبلهم من الأمم، ممن أرسلنا إليهم رسلنا، فقالوا مثل ما قالته أمتك يا محمد بأعدائهم، وتمكيننا إياهم من أذاهم، كموسى إذا أرسلناه إلى بني إسرائيل، فابتليناهم بفرعون وملئهم، وكعيسى إذ أرسلناه إلى بني إسرائيل، فابتلينا من اتبعه بمن تولى عنه، فكذلك ابتلينا أتباعك بمخالفيك من أعدائك فليعلمن الله الذين صدقوا منهم في قيلهم آمنا وليعلمن الكاذبين منهم في قيلهم ذلك، والله عالم بذلك منهم قبل الاختبار، وفي حال الاختبار، وبعد الاختبار، ولكن معنى ذلك: وليظهرن الله صدق الصادق منهم في قيله آمنا بالله من كذب الكاذب منهم بابتلائه إياه بعدوه، ليعلم صدقه من كذبه أولياؤه، على نحو ما قد بيناه فيما مضى قبل.
وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين عذبهم المشركون، ففتن بعضهم، وصبر بعضهم على أذاهم حتى أتاهم الله بفرج من عنده. ذكر الرواية بذلك:
21080 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير يقول: نزلت، يعني هذه الآية ألم. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا... إلى قوله وليعلمن الكاذبين في عمار بن ياسر، إذ كان يعذب في الله.