ابن أبي إسحاق، عن مجاهد، في قوله: إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قال: إلى مولدك بمكة.
* - حدثني الحسين بن علي الصدائي، قال: ثنا أبي، عن الفضيل بن مرزوق، عن مجاهد أبي الحجاج، في قوله: إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قال: إلى مولده بمكة.
* - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني عيسى بن يونس، عن أبيه، عن مجاهد قال: إلى مولدك بمكة.
والصواب من القول في ذلك عندي: قول من قال: لرادك إلى عادتك من الموت، أو إلى عادتك حيث ولدت، وذلك أن المعاد في هذا الموضع: المفعل من العادة، ليس من العود، إلا أن يوجه موجه تأويل قوله: لرادك لمصيرك، فيتوجه حينئذ قوله إلى معاد إلى معنى العود، ويكون تأويله: إن الذي فرض عليك القرآن لمصيرك إلى أن تعود إلى مكة مفتوحة لك.
فإن قال قائل: فهذه الوجوه التي وصفت في ذلك قد فهمناها، فما وجه تأويل من تأوله بمعنى: لرادك إلى الجنة؟ قيل: ينبغي أن يكون وجه تأويله ذلك كذلك على هذا الوجه الآخر، وهو لمصيرك إلى أن تعود إلى الجنة.
فإن قال قائل: أو كان أخرج من الجنة، فيقال له: نحن نعيدك إليها؟ قيل: لذلك وجهان: أحدهما: أنه إن كان أبوه آدم صلى الله عليهما أخرج منها، فكأن ولده باخراج الله إياه منها، قد أخرجوا منها، فمن دخلها فكأنما يرد إليها بعد الخروج. والثاني أن يقال: إنه كان (ص) دخلها ليلة أسري به، كما روي عنه أنه قال: دخلت الجنة، فرأيت فيها قصرا، فقلت لمن هذا؟ فقالوا لعمر بن الخطاب، ونحو ذلك من الاخبار التي رويت عنه بذلك، ثم رد إلى الأرض، فيقال له: إن الذي فرض عليك القرآن لرادك لمصيرك إلى الموضع الذي خرجت منه من الجنة، إلى أن تعود إليه، فذلك إن شاء الله قول من قال ذلك.