الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا، وقوله: ﴿... ولولا رجال مؤمنون...﴾ (١) إلى قوله:
(... لو تزيلوا...). والمتشابه من جهة المعنى أوصاف الله تعالى وأوصاف يوم القيامة، فان تلك الصفات لا تتصور لنا إذ كان لا يحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسه أو لم يكن من جنس ما نحسه. والمتشابه من جهة المعنى واللفظ جميعا خمسة أضرب، الأول: من جهة الكمية، كالعموم والخصوص نحو: ﴿... فاقتلوا المشركين...﴾ (٢) والثاني من جهة الكيفية، كالوجوب والندب نحو: (... فانكحوا ما طاب لكم...) والثالث من جهة الزمان كالناسخ والمنسوخ نحو: ﴿... اتقوا الله حق تقاته...﴾ (٣)، والرابع من جهة المكان والأمور التي نزلت فيها نحو: ﴿... وليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها...﴾ (٤) وقوله ﴿انما النسئ زيادة في الكفر...﴾ (5) فان من لا يعرف عادتهم في الجاهلية يتعذر عليه معرفة تفسير هذه الآية، والخامس من جهة الشروط التي بها يصح الفعل أو يفسد، كشروط الصلاة والنكاح. وهذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون في تفسير المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم (6).
ويلاحظ على هذا الاتجاه بالملاحظة الأولى التي ذكرناها في مناقشة الاتجاه الأول، ولكنه يتفادى الملاحظة الثانية حيث ينفتح على تصور التشابه بسبب المعنى، بغض النظر عن اللفظ وعلاقته بالمعنى.