الآية من حكم فهو لا يرد على القرآن الكريم، ولكن هذه الآية الكريمة لا يمكن ان تكون دليلا لمذهب أبي مسلم، لان النسخ ليس باطلا حتى يكون وروده على القرآن الكريم خلافا لمنطوق الآية، وانما هو محض حق وموافق لواقع الحكمة والمصلحة على أساس ما ذكرناه عن حقيقته، وإذا كان النسخ باطلا فلا نحتاج في رفضه إلى الاستعانة بالآية الكريمة بل يكفي بطلانه سببا لذلك.
ففكرة أبي مسلم هذه تقوم في الحقيقة على أساس من المغالطة والايهام، حيث يقصد من الباطل هنا ما يكون قبالة الحق سواء في العقيدة أو في النظام أو الأسلوب البياني، والقرآن الكريم لا يأتيه شئ من الباطل في كل هذه الجوانب، ولا يقصد منه الابطال والإزالة اللذان هما بمعنى النسخ.
والثانية: الخلاف الذي اثاره بعض علماء القرآن، حيث ذهبوا إلى عدم وقوع النسخ في القرآن الكريم خارجا، وان كان لا يوجد مانع عقلي أو شرعي عنه.
ويكاد يقول آية الله السيد الخوئي (رحمه الله) في كتابه " البيان في تفسير القرآن " بهذا الرأي، حيث ذكر لذلك مناقشة واسعة، أشار فيها إلى الآيات التي يحتمل فيها النسخ، ونقد مبدأ النسخ فيها على هدي دراسة علمية دقيقة - عدا آية النجوى - وخلص إلى الرأي الانف الذكر.
هل للنسخ أقسام؟
ويجدر بنا ان نتعرف أقسام النسخ التي ذكرها الباحثون في علوم القرآن قبل ان ندخل في البحث التفصيلي حول الآيات المنسوخة، وذلك من أجل ان نعرف اي قسم منها هو الهدف الرئيس من هذا البحث.
فقد قسموا النسخ إلى ثلاثة اقسام نوجزها بما يلي:
الأول: نسخ التلاوة دون الحكم: ويقصد بهذا النسخ ان تكون هناك آية