الفرق بين النسخ والبداء:
لقد أثيرت إلى جانب مسألة النسخ مسألة أخرى هي مسألة (البداء) وقد عرفنا من مطاوي حديثنا السابق عن النسخ - خصوصا فيما يتعلق بدراستنا لشبهة اليهود والنصارى في استحالة النسخ - أن البداء محال على الله سبحانه.
ومع كل هذا فالمعروف من مذهب الإمامية الاثني عشرية أنهم يقولون بفكرة البداء.
وعلى هذا الأساس نجد بعض الباحثين من إخواننا السنة يحملون على إخوانهم الامامية بشكل عنيف، متهمين إياهم بالانحراف والضلال، حتى إن بعضهم يكاد أن يقول: أن الامامية أشد انحرافا من اليهود والنصارى حين حاولوا انكار النسخ، لان أولئك أنكروا النسخ في محاولة لتنزيه الله سبحانه من النقص، وهؤلاء قالوا بالبداء فأثبتوا الجهل والنقص لله سبحانه (1).
لذا يجدر بنا ونحن ندرس النسخ أن نلقي ضوءا على هذه الفكرة أيضا، لنحدد موقفنا منها بشكل دقيق وواضح، ونعرف مدى صحة هذه التهم التي رمى بها بعض المسلمين مذهب الإمامية في قولهم بالبداء.
فالبداء تارة نفهمه على أساس ان يعتقد الله شيئا، ثم يظهر له أن الامر بخلاف ما اعتقده، كأن يرى في الحكم مصلحة ثم يظهر له خلاف ذلك، أو يرى خلق شئ من مخلوقاته حسنا ثم يظهر له خلاف ذلك فهذا شئ باطل لا يقول به أحد من المسلمين - من دون فرق بين الاماميين وغيرهم - بل أنكره اليهود والنصارى، ونزهوا الله عنه.
وقد وردت النصوص التي تؤكد هذا المعنى عن طريق أهل البيت (عليهم السلام)، فقد