اللغوي، لأننا فرضنا ان يكون للفظ مفهوم لغوي معين، وانما ينشأ من ناحية أخرى وهي الاختلاط والتردد في تجسيد الصورة الواقعية لهذا المفهوم اللغوي المعين، وتحديد مصداقه في الذهن من ناحية خارجية.
فحين نأتي إلى قوله تعالى: ﴿الرحمن على العرش استوى﴾ (١) نجد للفظ الاستواء مفهوما لغويا معينا اختص به، وهو الاستقامة والاعتدال مثلا، وليس هناك اي تشابه بينه وبين معنى آخر في علاقته باللفظ، فهو كلام قرآني قابل للاتباع ولكنه متشابه، لما يوجد فيه من التردد في تحديد صورة هذا الاستواء من ناحية واقعية، وتجسيد مصداقه الخارجي بالشكل الذي يتناسب مع الرحمن الخالق الذي ليس كمثله شئ.
وحين نفهم المتشابه بهذا اللون الخاص لا بد لنا ان نفهم المحكم على أساس هذا اللون الخاص أيضا، وهذا شئ تفرضه طبيعة جعل المحكم في الآية مقابلا للمتشابه، فليس المحكم ما يكون في دلالته اللغوية متعين المعنى والمفهوم فحسب، بل لا بد فيه من التعيين في تجسيد صورته الواقعية وتحديد مصداقه الخارجي، ففي قوله تعالى: ﴿... ليس كمثله شئ...﴾ (2) نجد الصورة الواقعية لهذا المفهوم متعينة، فهو ليس كالانسان ولا السماء ولا كالأرض ولا كالجبال... إلى آخره من الأشياء.
(فالمحكم) من الآيات ما يدل على مفهوم معين، لا نجد صعوبة أو ترددا في تجسيد صورته أو تشخيصه في مصداق معين.
و (المتشابه) ما يدل على مفهوم معين تختلط علينا صورته الواقعية ومصداقه الخارجي.