فإذا قال الشارع: شرب الخمر حرام (مثلا) فليس معناه أن هنا خمرا في الخارج وأن هذا الخمر محكوم بحرمة شربه، وانما معناه أن الخمر متى ما فرض وجوده في الخارج فشربه محكوم بالحرمة في الشريعة، سواء كان في الخارج خمر بالفعل أم لم يكن، ورفع مثل هذا الحكم في هذه المرحلة من ثبوته لا يكون الا بالنسخ.
الثانية: ثبوت الحكم في الخارج بأن يتحول إلى حكم فعلي بسبب فعلية موضوعه وتحققه خارجا، كما إذا تحقق وجود الخمر خارجا في مثالنا السابق، فان الحرمة المجعولة في الشريعة للخمر تكون ثابتة له بالفعل خارجا، وهذه الحرمة تكون مرتهنة في وجودها بوجود الموضوع خارجا وتستمر باستمراره، فإذا انعدم الموضوع أو ارتفع كما إذا انقلب خلا مثلا فلا ريب في ارتفاع تلك الحرمة الفعلية التي كانت ثابتة للخمر حال خمريته وتحل محلها الحلية للخل (1).
وهذا الارتفاع للحكم ليس من النسخ في شئ، وليس لا حد شك في جوازه ولا في وقوعه.
جواز النسخ عقلا ووقوعه شرعا:
أ - جواز النسخ عقلا:
المعروف بين العقلاء من المسلمين وغيرهم جواز النسخ عقلا، وقد خالف في هذا الرأي بعض اليهود والنصارى، وذلك في محاولة للطعن في الاسلام والتمسك ببقاء الديانتين اليهودية والمسيحية واستمرارهما، وقد استندوا في هذا الموقف إلى بعض الشبهات التي حاولوا صياغتها بأساليب مختلفة، كما قام بعضهم بمحاولة تعضيد ذلك ببعض النصوص الواردة المتداولة اليوم، وسوف نعرض الصياغة