خاص حتى تختفي الفائدة منه، فقوله تعالى: ﴿... ليس كمثله شئ...﴾ (١) محكم يسقط من الحساب جميع التجسيدات التي (تشبه الأشياء) في مفهوم (الاستواء) على العرش في قوله تعالى: ﴿الرحمن على العرش استوى﴾ (٢) ولكنه لا يعطينا الصورة الواقعية والمصداق المجسد لهذا (الاستواء)، فهو معنى لا يمكن ان نفهمه من ذلك المحكم: (ليس كمثله شئ).
وإذا عرفنا دور المحكم تجاه المتشابه أمكننا ان نتصور بسهولة: أن بعض المعاني لا يدركها - على مستوى المصداق - الا الراسخون في العلم دون العامة، خصوصا المعاني التي ترتبط ببعض المعلومات الكونية الطبيعية، كجريان الشمس:
﴿والشمس تجري لمستقر لها...﴾ (٣) أو تلقيح الرياح: ﴿وأرسلنا الرياح لواقح...﴾ (٤) أو جعل الماء مصدرا للحياة: ﴿... وجعلنا من الماء كل شئ حي...﴾ (5) فان كل هذه المعلومات حين تنكشف لدى العلماء تكون من المعلومات التي أشار إليها القرآن الكريم، ويعرفها الخاصة من الناس دون غيرهم.
والعلامة الطباطبائي نفسه تصور هذا التمايز بين الناس في الادراك للمعاني، وإن حاول ان يصوغه بشكل آخره " فظهر ان للناس - بحسب مراتب قربهم وبعدهم منه تعالى - مراتب مختلفة من العمل والعلم، ولازمه ان يكون ما يتلقاه أهل واحدة من المراتب والدرجات غير ما يتلقاه أهل المرتبة والدرجة الأخرى