٢ - وحين نساير الفخر الرازي، ونتصور التشابه بسبب علاقة اللفظ بالمعنى، لا نجد هناك ما يبرر حصر نطاق التشابه في هذه العلاقة فحسب، بل يمكننا أن نتصور سببا آخر للتشابه وهو: التشابه بسبب تجسيد صورة المعنى وتحديد مصداقه. والفخر الرازي بتقسيمه السابق يحاول أن يغلق علينا هذا الطريق، حيث لا يتصور التشابه إلا من زاوية علاقة اللفظ بالمعنى، مع أنه يمكن ان يتصور أيضا في علاقة المعنى بتشخيص مصاديقه الواقعية.
ب - اتجاه الراغب الأصفهاني:
الاتجاه الثاني الذي ذهب إليه الراغب الأصفهاني وهو: أن المتشابه ما أشكل تفسيره لمشابهته بغيره، سواء كان الاشكال من جهة اللفظ أو من جهة المعنى.
وقد ذكر الراغب تفاصيل طويلة في شرح هذا الاتجاه قال: " فالمتشابه في الجملة ثلاثة أضرب: متشابه من جهة اللفظ فقط، ومتشابه من جهة المعنى فقط، ومتشابه من جهتهما. والمتشابه من جهة اللفظ ضربان: أحدهما يرجع إلى الألفاظ المفردة، وذلك إما من جهة غرابته، نحو الأب ويزفون، وإما من جهة مشاركة في اللفظ، كاليد والعين، والثاني يرجع إلى جملة الكلام المركب، وذلك ثلاثة أضرب: ضرب لاختصار الكلام نحو: ﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء...﴾ (١)، وضرب لبسط الكلام نحو: ﴿... ليس كمثله شئ...﴾ (٢) لأنه لو قيل ليس مثله شئ كان أظهر للسامع، وضرب لنظم الكلام نحو: ﴿... أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما...﴾ (3) تقديره