الكريم حول هذه المسيرة.
الثاني: بيان الصورة النظرية الكاملة حول هذه المسيرة.
السجود لآدم:
في البداية يواجهنا السؤال عن الامر الإلهي للملائكة في السجود لآدم، حيث إنه في الشريعة المقدسة يحرم السجود لغير الله تعالى، فكيف صح أن يطلب من الملائكة السجود لآدم؟ وما هو المقصود من هذا السجود؟
وهذا السؤال ينطلق من فكرة وهي أن السجود بحد ذاته عبادة، والعبادة لغير الله شرك وحرام، حيث تقسم الافعال العبادية إلى قسمين:
أحدهما: الافعال التي تتقوم عباديتها بالنية وقصد القربة كالانفاق (الزكاة والخمس) أو الطواف بالبيت الحرام أو القتال، أو غير ذلك، فان هذه الأفعال إذا توفرت فيها نية القربة وقصد رضا الله تعالى تكون عبادة لله تعالى، وبدون ذلك لا تكون عبادة، ومن ثم فهي تتبع نيتها في تشخيص طبيعتها.
والاخر: الافعال التي تكون بذاتها عبادة ويذكر (السجود) منها، حيث إنه عبادة بذاته، ولذا يحرم السجود لغير الله لأنه يكون بذاته عبادة لغير الله.
ولكن هذا التصور غير صحيح، فان السجود شأنه شأن الافعال الأخرى التي تتقوم عباديتها بالقصد والنية، ولذا فقد يكون السجود سخرية واستهزاء، وقد يكون لمجرد التعظيم، وقد يكون عبادة إذا كان بنيتها.
ولذا نجد في القرآن الكريم في بعض الموارد الصحيحة يستخدم السجود تعبيرا عن التعظيم كما في قصة اخوة يوسف، قال تعالى:
﴿ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا...﴾ (1).