تدوين القرآن في زمن النبي (صلى الله عليه وآله):
إن (طبيعة الأشياء) تدل بشكل واضح على أن القرآن قد تم تدوينه في زمن النبي (صلى الله عليه وآله).
ونقصد بطبيعة الأشياء: مجموع الظروف والخصائص الموضوعية والذاتية المسلمة واليقينية التي عاشها النبي والمسلمون والقرآن أو اختصوا بها، مما يجعلنا نقتنع بضرورة قيام النبي (صلى الله عليه وآله) بجمع القرآن في عهده، وهذه الظروف والخصائص هي ما يلي:
أ - يعتبر القرآن الكريم الدستور الأساسي للأمة الاسلامية وهو يشكل الزاوية الرئيسة التي يقوم عليها كيان الأمة العقيدي والتشريعي والثقافي إلى جانب المناهج الاسلامية الأخرى عن المجتمع والأخلاق، كما أنه يعتبر أتقن المصادر التأريخية لديها وأروع النصوص الأدبية، ولم يكن المسلمون في صدر حياتهم الاجتماعية يملكون شيئا من القدرات الفكرية والثقافية في مختلف الميادين التي يخوضها الفكر الانساني غير القرآن الكريم، فالقرآن بالنسبة لهم بصفتهم أمة حديثة يمثل المحتوى الروحي والفكري والاجتماعي لهم.
فمثلا لم تكن الأمة الاسلامية حينذاك تملك من الثقافة العقيدية ما تبني عليها إيمانها الراسخ بوحدانية الله سبحانه والكون والحياة، أو بانحراف أصحاب الديانات الأخرى في نظرتهم إلى المبدأ والمعاد غير الأدلة والبراهين القرآنية.
والكلام ذاته يمكن ان يقال بالنسبة إلى المجالات الأخرى، فكرية كانت أم روحية أم ثقافية.
كل هذا يعطينا صورة بارزة عن الأهمية الذاتية التي يتمتع بها القرآن الكريم بالنسبة إلى حياة المسلمين، ويحدد النظرة التي يحملها المسلمون - باعتبارهم أمة - إلى القرآن الكريم.