ولده أن يذهب إليه في كل يوم.
وأما بالنسبة إلى القول الثاني فالظهور معقد لأنه مزدوج، فهناك نفس الظهور السابق، إذ يتبادر إلى الذهن من كلمة البحر: البحر من الماء، يذهب إليه الولد في كل يوم. ويقابله ظهور آخر وهو ظهور الاستماع إلى كلام البحر، إذ يتبادر إلى الذهن من ذلك: أن البحر ليس بحرا من ماء بل هو بحر من العلم، لان بحر الماء لا يستمع إلى كلامه، لأنه ليس له كلام، وانما يستمع إلى صوت أمواجه.
وهكذا نواجه في القول الثاني ظهورين بسيطين متعارضين، وحين نلاحظ الكلام بصورة كاملة متفاعلة يجب أن ندرس نتيجة التفاعل بين ذينك الظهورين، وما ينجم عنهما من ظهور بعد تصفية التناقضات الداخلية بينهما، وهذا الظهور الناجم عن ذلك نسميه: بالظهور المعقد أو المركب.
وإذا ميزنا بين الظهور البسيط والظهور المعقد أمكننا أن نعرف أن ابراز الظهور المعقد، وتحديد معنى الكلام على أساسه يعتبر (تفسيرا)، لان تعقيده وتركيبه يجعل فيه درجة من الخفاء والغموض جديرة بالكشف والإبانة، فيصدق عليه اسم: (التفسير)، واما الظهور البسيط ففي الغالب لا يعتبر ابراز معنى الكلام على أساسه تفسيرا، لان المعنى ظهر بطبيعته فلا يحتاج إلى إظهار.
والنتيجة أن في صدق التفسير على بيان المعنى في موارد الظهور اتجاهين:
أحدهما: القائل بعدم صدقه مطلقا، سواء كان الظهور بسيطا أو معقدا.
والاخر: - وهو الاتجاه الصحيح - القائل بأن التفسير ليصدق على بيان المعنى في موارد الظهور المعقد، دون بعض موارد الظهور البسيط.
أهمية التمييز بين تفسير اللفظ وتفسير المعنى:
والتمييز بين تفسير اللفظ على صعيد المفاهيم، وتفسير المعنى بتجسيده في صورة محددة على صعيد المصاديق يعتبر نقطة جوهرية جدا في تفسير القرآن