استعماله بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي.
وهذا التفسير للتشابه لا نتبناه على أساس عدم صلاحية كلمة التشابه بحدودها اللغوية لاستيعاب هذا اللون من التشابه اللغوي، وانما نقرر ذلك على أساس وجود قرينة خاصة في الآية الكريمة، تجعلها تأبى الانفتاح على هذا اللون من التشابه.
وهذه القرينة هي ما نستفيده من قوله تعالى: ﴿... فيتبعون ما تشابه منه...﴾ (1) فان مفهوم (الاتباع) المستفاد من هذه الفقرة لا ينطبق إلا في حالة ما إذا كان للفظ مفهوم لغوي يكون أخذه والعمل به اتباعا له، إذ ليس من اتباع الكلام - اي كلام - ان نأخذ بأحد معانيه المشتركة أو المرددة إذا لم يكن له ظهور فيها، وانما يكون هذا العمل من اتباع الهوى والرأي الشخصي في تعيين المعنى، لان الكلام لا يعينه.
وحين نلاحظ استعمال كلمة الاتباع في مجال آخر نجد هذا الاستنساخ أمرا واضحا، فنحن نعرف وجود نصوص كثيرة تأمرنا بضرورة اتباع القرآن الكريم والسنة النبوية والتمسك بهما، فهل نتوهم فيمن يأخذ بأحد المعاني المشتركة للفظ خاص ورد في الكتاب الكريم أو في السنة النبوية أنه متبع للكتاب والسنة؟ أو لا بد لانطباق هذا المفهوم في حقه من الاخذ بالمعنى الذي يكون للنص ظهور فيه؟
ولا شك بتعيين الشق الثاني.
اذن فالتشابه المقصود في الآية الكريمة نوع خاص، لا بد فيه ان يكون قابلا للاتباع، وهذه القابلية تنشأ من عامل وجود مفهوم لغوي معين للفظ يكون العمل به اتباعا له.
فالتشابه لم ينشأ من ناحية الاختلاط والتردد في معاني اللفظ ومفهومه