في ليلة مباركة انا كنا منذرين) (١) فان الانزال الذي تتحدث عنه هذه الآيات ليس هو التنزيل التدريجي الذي طال أكثر من عقدين، وانما هو الانزال مرة واحدة على سبيل الاجمال.
كما أن فكرة تعدد الانزال بالصورة التي شرحناها تفسر لنا أيضا المرحلتين اللتين أشار إليهما القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿... كتاب احكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير﴾ (2) فان هذا القول يشير إلى مرحلتين في وجود القرآن، اولاهما: إحكام الآيات، والثانية: تفصيلها وهو ينسجم مع فكرة تعدد الانزال فيكون الانزال مرة واحدة على سبيل الاجمال هي مرحلة الاحكام، والانزال على سبيل التفصيل تدريجا هي المرحلة الثانية اي مرحلة التفصيل.
التدرج في التنزيل (3):
استمر التنزيل التدريجي للقرآن الكريم طيلة ثلاث وعشرين سنة، وهي المدة التي قضاها النبي (صلى الله عليه وآله) في أمته منذ بعثته إلى وفاته، فقد بعث (صلى الله عليه وآله) لأربعين سنة من ولادته، ومكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثم هاجر إلى المدينة وظل فيها عشر سنين، والقرآن يتعاقب ويتواتر عليه حتى مات وهو في الثالثة والستين من عمره الشريف.
وقد امتاز القرآن عن الكتب السماوية السابقة عليه بانزاله تدريجا بخلاف ما يشير إليه القرآن الكريم من انزال التوراة على شكل الواح دفعة واحدة أو في مدة زمنية محدودة.