أ - أسلوب القسم المكي يمتاز بالشدة والعنف والسباب:
فقد قالوا: إن أسلوب القسم المكي من القرآن يمتاز عن القسم المدني بطابع الشدة والعنف، بل وبالسباب أيضا، وهذا يدل على تأثر محمد بالبيئة في مكة التي كان يعيش فيها، لأنها مطبوعة بالغلظة والجهل، ولذا يزول هذا الطابع عن القرآن الكريم عندما ينتقل محمد إلى مجتمع المدينة الذي، تأثر فيه - بشكل أو بآخر - بحضارة أهل الكتاب وأساليبهم.
وتستشهد الشبهة بعد ذلك لهذه الملاحظة بالسور والآيات المكية المطبوعة بطابع الوعيد والتهديد والتعنيف، أمثال: سورة (المسد) وسورة (العصر) وسورة (التكاثر) وسورة (الفجر) وغير ذلك.
ويمكن ان نناقش هذه الشبهة بما يلي:
أولا: بعدم اختصاص القسم المكي من القرآن الكريم بطابع الوعيد والانذار دون القسم المدني، بل يشترك المكي والمدني بذلك، كما أن القسم المدني لا يختص أيضا - كما قد يفهم من الشبهة - بالأسلوب اللين الهادئ الذي يفيض سماحة وعفوا، بل نجد ذلك في المكي، والشواهد القرآنية على ذلك كثيرة.
فمن القسم المدني الذي اتسم بالشدة والعنف قوله تعالى: ﴿فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين﴾ (1).
وقوله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس...) (2) و (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين * فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وان تبتم فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) (3).