السماء والرسالة وعلاقتها بالسماء يدعونا للقول: إنه انما جئ بها لغاية قرع الاسماع وهز القلوب ودفع الناس إلى استماع القرآن الكريم والانصات إليه (1).
وهذا المذهب يكاد ينطلق من المذهب السابع - كما اعترف بذلك السيد رشيد رضا - كما أن السيد رشيد رضا يخطئ حين يتصور أنه انفرد به حيث سبقه للإشارة إليه ابن كثير، وان كان قد اختار تضعيفه.
موقفنا من هذه المذاهب:
وموقفنا من هذه المذاهب يتحدد في ضوء بعض الظواهر العامة التي عاشتها مسألة (فواتح السور) وهي:
1 - عدم ورود تفسير واضح للفواتح عن الرسول.
2 - سكوت الصحابة بشكل عام عن سؤال الرسول بصدد هذا الموضوع.
3 - عدم تعارف استعمال العرب لهذا الأسلوب في كلامهم.
وهذه الظواهر الثلاث تجعلنا نؤمن بأن الموقف تجاه هذه الحروف من قبل معاصري الوحي والنبوة كان واضحا وجليا، الامر الذي أدى إلى سكوت النبي عن بيانه والصحابة عن سؤاله، وحينئذ فاما أن يكون هذا الوضوح نتيجة توضيح النبي بأنها من المتشابهات التي يحسن السكوت عنها والتسليم بها. أو أنه كان نتيجة أن الغاية من استعمالها كانت جارية على نهج المذهب السادس أو السابع، فإنهما المذهبان الوحيدان اللذان يفسران هذه الظاهرة بشكل ينسجم مع هذه الظواهر المسلمة بدون الحاجة إلى السؤال والاستفسار.