وهما مرحلة العمل في ضمن المجتمع الذي تحكمه السلطة الكافرة المهيمنة على جميع الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية، ومرحلة العمل ضمن دولة الاسلام، ولئن كان بالامكان تقسيم كل من هاتين المرحلتين بدورها أيضا إلى مقاطع زمنية، فمن الواضح على أي حال أن التقسيم الرئيس هو على أساس الهجرة.
فإذا ميزنا بين الآيات النازلة قبل الهجرة وما نزل منها بعد الهجرة استطعنا أن نواكب تطورات الدعوة والخصائص العامة التي تجلت فيها خلال كل من المرحلتين.
وأما مجرد أخذ مكان النزول بعين الاعتبار واهمال عامل الزمن فهو لا يمدنا بفكرة مفصلة عن هاتين المرحلتين، ويجعلنا نخلط بينهما، كما يحرمنا من تمييز الناسخ عن المنسوخ من الناحية الفقهية.
وسوف يتضح أيضا مزيد من الأهمية عند دراستنا لخصائص المكي والمدني، فلهذا كله نؤثر الاتجاه الأول في تفسير المكي والمدني، وعلى هذا الأساس سوف نستعمل هذين المصطلحين.
طريقة معرفة المكي والمدني:
بدأ المفسرون عند محاولة التمييز بين المكي والمدني بالاعتماد على الروايات والنصوص التأريخية، التي تؤرخ السورة أو الآية وتشير إلى نزولها قبل الهجرة أو بعدها، وعن طريق تلك الروايات والنصوص التي تتبعها المفسرون واستوعبوها استطاعوا أن يعرفوا عددا كبيرا من السور والآيات المكية والمدنية ويميزوا بينها.
وبعد أن توفرت لهم المعرفة بذلك اتجه كثير من المفسرين الذين عنوا بمعرفة المكي والمدني إلى دراسة مقارنة لتلك الآيات والسور المكية والمدنية التي اكتشفوا