ولما رجعت الامرأتان إلى أبيهما الشيخ وعرف منهما قصة هذا الانسان الغريب الذي سقى لهما بعث إلى موسى إحداهما لتدعوه إليه فجاءته (تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا). فأجاب موسى الدعوة وحين انتهى إلى الشيخ طلب منه ان يخبره عن حاله فقص موسى عليه قصة هربه وسببها وحينئذ آمنه الشيخ وقال له: (لا تخف نجوت من القوم الظالمين).
وقد طلبت إحدى ابنتي الشيخ من أبيها ان يستأجر موسى للعمل عنده وليقوم عنهما ببعض المهام الملقاة على عاتقهما نتيجة عجز الشيخ وضعفه وذلك نظرا لقوة موسى وقدرته على القيام بالعمل مع أمانته وشرف نفسه.
فقال له الشيخ: (اني أريد ان أنكحك إحدى ابنتي هاتين) شريطة ان تأجرني نفسك ثماني حجج (سنين) فإذا أتممتها عشرا فذلك من عندك، فوافق موسى على هذا الزواج وتم العقد بينهما (1).
بعثة موسى (عليه السلام) ورجوعه إلى مصر:
وبعد أن قضى موسى الاجل (السنوات العشر) بينه وبين صهره سار بأهله فإذا به يشاهد نارا من جانب الطور الأيمن وهو جبل صغير، وقد كان بحاجة إليها، (فقال لأهله امكثوا اني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى * فلما أتاها) وجد شجرة وجاء نداء الله سبحانه من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من جانب الشجرة: (أني انا الله رب العالمين * فاخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى * وأنا اخترتك (لوحي ورسالتي) فاستمع لما يوحى) إليك.
ثم قال الله له: (ما تلك بيمينك يا موسى * قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى)، قال الله له: (ألقها يا موسى) فإذا هي تتحول إلى (حية تسعى)، (فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب)