والاعلان عن أن الصفا والمروة من شعائر الله، وليس السعي بينهما من مختلقات الجاهلية ومفترياتها.
وقد أدى الجهل بمعرفة سبب النزول في هذه الآية عند بعضهم إلى فهم خاطئ في تفسيرها... إذ اعتبر اتجاه الآية - نحو نفي الاثم بدلا من التصريح بالوجوب - دليلا على أن السعي ليس واجبا وانما هو أمر سائغ، إذ لو كان واجبا لكان الأجدر بالآية ان تعلن وجوبه بدلا من مجرد نفي الاثم، ولو كان هذا يعلم سبب النزول والهدف المباشر الذي نزلت الآية لتحقيقه، وهو إزالة فكرة التأثم من أذهان الصحابة لعرف السر في طريقة التعبير، والسبب في اتجاه الآية نحو نفي الاثم والتركيز على ذلك.
تعدد الأسباب والمنزل واحد والعكس:
قد يتفق وقوع عدة أشياء في عصر الوحي كلها تتفق في إشارة واحدة وتستدعي نزول القرآن بشأنها، كما إذا تكرر السؤال - من النبي مثلا - عن مشكلة واحدة، فان كل سؤال يقتضي نزول الوحي بجوابه، ويقال في هذه الحالة إن الأسباب متعددة والمنزل واحد.
ومن هذا القبيل ما يروى في أن النبي سئل مرتين عمن وجد مع زوجته رجلا كيف يصنع، سأله عاصم بن عدي مرة، وسأله عويمر مرة أخرى، واتفق في مرة ثالثة أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي بشريك بن سمحاء، فكانت هذه أسبابا متعددة تستدعي نزول الوحي لتوضيح موقف الزوج من زوجته إذا اطلع على خيانتها، وما إذا كان من الجائز له أن يقذفها ويتهمها بدون بينة أو لا يجوز له ذلك الا ببينة، فان اتهم بدون بينة استحق حد القذف، كما هو شأن غير الزوج إذا قذف امرأة أخرى، ولأجل ذلك نزل قوله تعالى: (والذين يرمون أزواجهم ولم