الاتجاهات الرئيسة في المحكم والمتشابه:
أ - اتجاه الفخر الرازي:
الاتجاه الأول: إن المحكم هو ما يسمى في عرف الأصوليين بالمبين، والمتشابه ما يسمى في عرفهم بالمجمل، وقد جاءت صياغة هذا الاتجاه بأساليب مختلفة، ولعل ما ذكره الفخر الرازي في تفسيره الكبير هو أوضح صياغة وأوفاها بالمقصود، قال:
" اللفظ الذي جعل موضوعا لمعنى، فاما ان يكون محتملا لغير ذلك المعنى، واما ان لا يكون، فإذا كان اللفظ موضوعا لمعنى ولا يكون محتملا لغيره فهذا هو النص، وأما ان كان محتملا لغيره فلا يخلو: إما ان يكون احتماله لأحدهما راجحا على الاخر، وإما ان لا يكون كذلك، بل يكون احتماله لهما على السواء، فان كان احتماله لأحدهما راجحا على الاخر سمي ذلك اللفظ بالنسبة إلى الراجح (ظاهرا) وبالنسبة إلى المرجوح (مؤولا)، وأما ان كان احتماله لها على السوية كان اللفظ بالنسبة إليهما معا (مشتركا) وبالنسبة إلى كل واحد منهما على التعيين (مجملا) فقد خرج من التقسيم الذي ذكرناه ان اللفظ إما ان يكون (نصا) أو (ظاهرا) أو (مؤولا) أو (مشتركا) أو (مجملا).
أما (النص) و (الظاهر) فيشتركان في حصول الترجيح، إلا أن النص راجح مانع من الغير، والظاهر راجح غير مانع من الغير، فهذا القدر المشترك هو المسمى (بالمحكم)، وأما المجمل والمؤول فهما مشتركان في أن دلالة اللفظ عليه غير راجحة وان لم يكن راجحا لكنه غير مرجوح، والمؤول مع أنه غير راجح فهو مرجوح لا بحسب الدليل المنفرد (1)، فهذا القدر المشترك هو المسمى (بالمتشابه) لان عدم الفهم حاصل في القسمين جميعا.