عن التوحيد " (١).
وبعد هذا كله لا نجد مجالا للتشكيك في فكرة البداء إذا أخذناها في حدود فكرة النسخ مطبقة على التكوين، ولا يكون اتهام الامامية بالانحراف لانهم قالوا بهذه الفكرة، الا شبيها بالاتهام الذي وجهه اليهود والنصارى إلى عامة المسلمين لأخذهم بفكرة النسخ.
النسخ في الشريعة الاسلامية:
وأما النسخ في الشريعة الاسلامية فهو أمر ثابت لا يكاد يشك فيه أحد من علماء المسلمين، سواء في ذلك ما كان نسخا لاحكام الشرائع السابقة أو ما كان نسخا لبعض أحكام الشريعة الاسلامية نفسها، ومن هذه النسخ ما صرح به القرآن الكريم، حيث نسخ حكم التوجه في الصلاة إلى القبلة الأولى وأمر بالتوجه شطر المسجد الحرام، ولكن مع ذلك نجد النسخ مثارا للخلاف في علوم القرآن حيث وقع الجدال في أن شيئا من الاحكام الثابتة في القرآن الكريم منسوخ بالقرآن الكريم نفسه أو بالسنة النبوية المتواترة.
وهذا الخلاف جاء على صياغتين الأولى: الخلاف الذي أثاره أبو مسلم الأصفهاني المتوفى سنة (٣٢٢ ه) حيث ذهب - على أحسن الاحتمالات في كلامه - إلى عدم جواز وقوع النسخ في القرآن الكريم، مستدلا على ذلك بقوله تعالى في وصف القرآن: ﴿لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد﴾ (2).
فهذه الآية تقول: أن القرآن لا يعتريه البطلان، ولما كان النسخ إبطالا لما في