كلما دققنا النظر في هذا الكتاب السماوي وجدناه أكثر انسجاما مع الواقع.
فليس فيه تناقض، أو كذب أو خرافة، بل فمبادئه ومعارفه تنسجم مع منطق العقل. قصصه وتواريخه منزهة عن الأساطير والخرافات، وقوانينه تتساوق مع احتياجات البشر، فتلك الحقانية دليل واضح على أنه نازل من الله سبحانه وتعالى.
هنا ولأجل توضيح موقع القرآن الكريم، تمت الاستفادة هنا من كلمة " الحق "، في حال أنه في آيات أخرى من القرآن الكريم ورد التعبير عنه ب " النور " و " البرهان " و " الفرقان " و " الذكر " و " الموعظة " و " الهدى "، وكل واحدة منها تشير إلى واحدة من بركات القرآن وأبعاده، بينما كلمة (الحق) تشمل جميع تلك البركات.
يقول الراغب في (مفرداته): أصل الحق المطابقة والموافقة، والحق يقال على أوجه:
الأول: يقال لمن يوجد الشئ على أساس الحكمة، ولهذا قيل في الله تعالى هو الحق، لذا قال الله: فذلكم الله ربكم الحق. (1) الثاني: يقال للشئ الذي وجد بحسب مقتضى الحكمة، ولهذا يقال فعل الله تعالى كله حق، قال تعالى: ما خلق الله ذلك إلا بالحق، (2) أي الشمس والقمر وغير ذلك.
الثالث: في العقائد المطابقة للواقع. قال تعالى: فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق. (3) والرابع: يقال للأقوال والأفعال الصادر وفقا لما يجب، وبقدر ما يجب، وفي الوقت المقرر، كقولنا: فعلك حق، وقولك حق (4).