وبناء عليه، فإن حقانية القرآن المجيد هي من حيث كونه حديثا مطابقا للمصالح والواقعيات من جهة، كما أن العقائد والمعارف الموجودة فيه تنسجم مع الواقع من جهة أخرى، ومن جهة ثالثة فإنه من نسج الله وصنعه الذي صنعه على أساس الحكمة، والله ذاته تعالى الذي هو الحق يتجلى في ذلك الكتاب العظيم، والعقل يصدق ويؤمن بما هو حق.
جملة مصدقا لما بين يديه دليل آخر على صدق هذا الكتاب السماوي، لأنه ينسجم مع الدلائل المذكورة في الكتب السماوية السابقة في إشارتها إليه وإلى حامله (صلى الله عليه وآله وسلم).
جملة إن الله بعباده لخبير بصير توضح علة حقانية القرآن وانسجامه مع الواقع والحاجات البشرية، لأنه نازل من الله سبحانه وتعالى الذي يعرف عباده خير معرفة، وهو البصير الخبير فيما يتعلق بحاجاتهم.
لكن ما هو الفرق بين " الخبير " و " البصير "؟
قال البعض: " الخبير " العالم بالبواطن والعقائد والنيات والبعد الروحي في الإنسان، و " البصير " العالم بالظواهر والبعد الجسماني للإنسان.
وقال آخرون: " الخبير " إشارة إلى أصل خلق الإنسان، و " البصير " إشارة إلى أعماله وأفعاله.
وطبيعي أن التفسير الأول يبدو أنسب وإن كان شمول الآية لكلا المعنيين ليس مستبعدا.
الآية التالية تتحدث في موضوع مهم بالنسبة إلى حملة هذا الكتاب السماوي العظيم، أولئك الذين رفعوا مشعل القرآن الكريم بعد نزوله على الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، في زمانه وبعده على مر القرون والعصور، وهم يحفظونه ويحرسونه، فتقول: ثم أورثنا للكتاب الذين اصطفينا من عباده.
واضح أن المقصود من " الكتاب " هنا، هو نفس ما ذكر في الآية السابقة وهو