وأن فينا الكثير من الشيبة وكبار السن الأثرياء المعروفون.
هذا المنطق لم يكن منحصرا بذلك الزمان فقط، وإنما يتعداه إلى كل عصر وزمان، وحتى في زماننا، فإن تولى شخص ما مسؤولية مهمة طفحت قلوب الآخرين بالغيظ والحسد، وبدأت ألسنتهم بالثرثرة وتوجيه النقد والطعن: ألم يكن هناك شخص آخر حتى توكل هذه المهمة بالشخص الفلاني الذي هو من عائلة فقيرة وغير معروفة؟
نعم، فأهل الكتاب من اليهود والنصارى يشتركون بعض الشئ مع المسلمين، ولكن حب الدنيا من جهة، وحسدهم من جهة أخرى، تسببا في أن يبتعدوا عن الإسلام والقرآن، ويقولوا إلى عبدة الأصنام: إن الطريق الذي تسلكونه أفضل من الطريق الذي سلكه المؤمنون ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذي آمنوا سبيلا. (1) من البديهي أن إشكال التعجب والإنكار المتولدة عن الخطأ في " تحديد القيم " إضافة إلى الحسد وحب الدنيا، لا يمكن أن تكون معيارا منطقيا في القضاء، فهل أن شخصية الإنسان تحدد باسمه أو مقدار ماله أو مقامه أو حتى سنه؟ وهل أن الرحمة الإلهية تقسم على أساس هذا المعيار؟
لهذا فإن تتمة الآية تقول: إن مرض أولئك شئ آخر، إنهم في حقيقة الأمر يشككون في أمر الوحي وأمر الله بل هم في شك من ذكري.
ملاحظاتهم التي لا قيمة لها على شخصية الرسول ما هي إلا أعذار واهية، وشكهم وترددهم في هذه المسألة ليس بسبب وجود إبهام في القرآن المجيد، وإنما بسبب أهوائهم النفسية وحب الدنيا وحسدهم.
وفي نهاية الأمر فإن القرآن الكريم يهددهم بهذه الآية بل لما يذوقوا