عذاب أي إن هؤلاء لم يذوقوا العذاب الإلهي، ولهذا السبب جسروا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودخلوا المعركة ضد الوحي الإلهي بهذا المنطق الأجوف.
نعم، فهناك مجموعة من الناس لا ينفع معها المنطق والكلام، ولكن سوط العذاب هو الوحيد الذي يحط من تكبرهم وغرورهم، لذا يجب أن يعاقب أولئك بالعقاب الإلهي كي يشفوا من مرضهم.
ويضيف القرآن الكريم في الرد عليهم: هل يمتلكون خزائن الرحمة الإلهية كي يهبوا أمر النبوة لمن يرغبون فيه، ويمنعونها عمن لا يرغبون فيه؟ أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب.
فالله سبحانه وتعالى بمقتضى كونه (رب) هذا الكون ومالكه، وبارئ عالم الوجود وعالم الإنسانية، ينتخب لتحمل رسالته شخصا يستطيع قيادة الأمة إلى طريق التكامل والتربية. وبمقتضى كونه (العزيز) فإنه لا يقع تحت تأثير الآخرين ويسلم مقام الرسالة إلى أشخاص غير لائقين، فمقام النبوة عظيم، والله سبحانه وتعالى هو صاحب القرار في منحه. ولكونه (الوهاب) فإنه ينفذ أي شئ يريده، ويمنح مقام النبوة لكل من يرى فيه القدرة على تحمله.
مما يذكر أن كلمة (الوهاب) جاءت بصيغة المبالغة، وتعني كثير المنح والعطايا، وهي هنا تشير إلى أن النبوة ليست نعمة واحدة، وإنما هي نعم متعددة، تتحد فيما بينها لتمكن صاحب هذا المقام الرفيع من أداء مهمته، وهذه النعم تشمل العلم والتقوى والعصمة والشجاعة والشهامة.
ونقرأ في الآية (32) من سورة الزخرف نظير هذا الكلام، قال تعالى: أهم يقسمون رحمة ربك أي إنهم يشكلون عليك بسبب نزول القرآن عليك، فهل أنهم هم المسؤولون عن تقسيم رحمة رب العالمين؟
هذا ويمكن الاستفادة من كلمة (رحمة) هنا في أن النبوة إنما هي رحمة ولطف رب العالمين بعالم الإنسانية، وحقا هي كذلك، فلولا بعث الأنبياء لخسر الناس