رجال السياسة تحليلها بدقة لوضع الخطط والبرامج المنظمة لمواجهتها، وأن يمر بها عامة الناس مر الكرام من دون أن يعيروا لها أي اهتمام، وأن يتمسكوا أكثر بما عندهم، أي بأصنامهم.
ونظير هذا الحديث ورد في قصة نوح، عندما قال الملأ من قوم نوح لعامتهم ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم. (1) وذهب آخرون إلى أن المقصود من هذه العبارة هو: يا عبدة الأصنام أثبتوا واستقيموا على آلهتكم، لأن هذا هو المطلوب منكم.
أما البعض الآخر فقد قال: المقصود هو أن محمدا يستهدفنا نحن، وأنه يريد جر مجتمعنا إلى الفساد من خلال تركنا لآلهتنا، وفي نهاية الأمر ستزال النعم عنا وينزل علينا العذاب!
فيما إحتمل البعض الآخر أن المراد هو أن محمدا لن يتوقف عن دعوته وأنه مصمم على نشرها بعزم راسخ، ولهذا فإن المحادثات معه عقيمة، فاذهبوا وتمسكوا أكثر بعقائدهم.
وأخيرا إحتمل بعض المفسرين أن المقصود هو أن المصيبة ستحل بنا، وعلى أية حال، علينا أن نتهيأ لها وأن نتمسك أكثر بسنتنا.
وبالطبع، لكون هذه الجملة لها مفهوم عام، فإن أغلب التفاسير يمكن أن تعطي المعنى المطلوب، رغم أن التفسير الأول يعد أنسب من بقية التفاسير.
وعلى أية حال، فإن زعماء المشركين أرادوا بهذا القول تقوية المعنويات المنهارة لأتباعهم، والحيلولة دون تزعزع معتقداتهم أكثر، ولكن كل مساعيهم ذهبت أدراج الرياح.
ولخداع عوام الناس وإقناع أنفسهم، قال زعماء المشركين ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق.