لإنقاذ أنفسهم فنادوا ولات حين مناص.
فعندما كان أنبياء الله في السابق يعظونهم ويحذرونهم عواقب أعمالهم القبيحة، لم يكتفوا بصم آذانهم وعدم الاستماع، وإنما كانوا يستهزئون ويسخرون من الأنبياء ويعذبون المؤمنين ويقتلونهم، فبذلك أضاعوا الفرصة ودمروا كل الجسور التي خلفهم، فنزل العذاب الإلهي ليهلكهم جميعا، العذاب الذي رافقه انغلاق باب التوبة والعودة، وفور نزوله تبدأ أصوات الاستغاثة تتعالى، والتي لا تغني عنهم يومئذ شيئا.
وكلمة (لات) جاءت للنفي، وهي في الأصل (لا) نافية أضيفت إليها (تاء) التأنيث، لتعطي معنى التأكيد (1).
" مناص " من مادة (نوص) وتعني الملاذ والملجأ، ويقال: إن العرب عندما كانت تقع لهم حادثة صعبة ورهيبة، وخاصة في الحروب كانوا يكررون هذه الكلمة ويقولون (مناص... مناص) أي: أين الملاذ؟ أين الملاذ؟ ولأن هذا المفهوم يتناسب مع معنى الفرار، وأحيانا تأتي بمعنى إلى أين الفرار (2).
على أية حال، فإن أولئك المغرورين المغفلين لم يستفيدوا من الفرصة التي كانت بأيديهم للجوء إلى أحضان الرحمة واللطف الإلهي، وعندما أضاعوا الفرصة ونزل عليهم العذاب الإلهي، أخذوا ينادون ويستغيثون ويبذلون الجهد للعثور على طريق نجاة لهم، ولكن كل هذه الجهود تبوء بالفشل، حيث أنهم مهما بذلوا من جهد ومهما استغاثوا فإنهم لا يصلون إلى مقصدهم.
هذه كانت سنة الله مع كل الأمم السابقة، وستبقى كذلك، لأن سنة الله لا تتغير