انتهت الحرب من دون حاجة إلى التحام واسع بين الجيشين، ومن دون أن يتحمل المؤمنون خسائر فادحة، لأن العواصف الهوجاء القارصة قد مزقت أوضاع المشركين من جهة، ومن جهة أخرى فإن الله تعالى قد ألقى الرعب والخوف في قلوبهم من جنود الله التي لا ترى، ومن جهة ثالثة فإن الضربة التي أنزلها علي بن أبي طالب (عليه السلام) بأعظم بطل من أبطالهم، وهو " عمرو بن عبد ود "، قد تسببت في تبدد أحلامهم وآمالهم، ودفعتهم إلى أن يلملموا أمتعتهم ويتركوا محاصرة المدينة ويرجعوا إلى قبائلهم تقدمهم الخيبة والخسران.
وتقول الآية في آخر جملة: وكان الله قويا عزيزا فمن الممكن أن يوجد أناس أقوياء، لكنهم ليسوا بأعزاء لا يقهرون، بل هناك من يقهرهم ومن هو أقوى منهم، إلا أن القوي العزيز الوحيد في العالم هو الله عز وجل الذي لا حد لقدرته وقوته ولا انتهاء، فهو الذي أنزل على المؤمنين النصر في مثل هذا الموقف العسير والخطير جدا بحيث لم يحتاجوا حتى إلى النزال وتقديم التضحيات!
* * * 2 بحوث 3 1 - ملاحظات هامة في معركة الأحزاب أ - إن معركة الأحزاب - وكما هو معلوم من اسمها - كانت حربا اتحدت فيها كل القبائل والفئات المختلفة التي تعادي الإسلام، للقضاء على الإسلام اليافع.
لقد كانت " حرب الأحزاب " آخر سعي للكفر، وآخر سهم في كنانته، وآخر استعراض لقوى الشرك، ولهذا قال النبي (صلى الله عليه وآله): " برز الإيمان كله إلى الشرك كله " (1) عندما تقابل أعظم أبطال العدو، وهو عمرو بن عبد ود، وبطل الإسلام الأوحد أمير