ولا منافاة بين هذه التفاسير مطلقا، لأن للآية مفهوما واسعا يشمل كل شهداء الإسلام الذين استشهدوا قبل معركة الأحزاب، وكل من كان منتظرا للنصر أو الشهادة، وكان على رأسهم رجال كحمزة سيد الشهداء وعلي (عليهما السلام)، ولذلك ورد في تفسير الصافي: أن أصحاب الحسين بكربلاء كانوا كل من أراد الخروج للقتال ودع الحسين (عليه السلام) وقال: السلام عليك يا ابن رسول الله، فيجيبه: وعليك السلام ونحن خلفك، ويقرأ: فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر (1).
ويستفاد من كتب المقاتل أن الإمام الحسين (عليه السلام) تلا هذه الآية عند أجساد شهداء آخرين كمسلم بن عوسجة، وحين بلغه خبر شهادة " عبد الله بن يقطر " (2).
ومن هنا يتضح أن للآية مفهوما واسعا يشمل كل المؤمنين المخلصين الصادقين في كل عصر وزمان، سواء من ارتدى منهم ثوب الشهادة في سبيل الله، أم من ثبت على عهده مع ربه ولم يتزعزع، وكان مستعدا للجهاد والشهادة.
وتبين الآية التالية النتيجة النهائية لأعمال المؤمنين والمنافقين في جملة قصيرة، فتقول: ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء فلا يبقى صدق وإخلاص ووفاء المؤمنين بدون ثواب، ولا ضعف وإعاقات المنافقين بدون عقاب.
ومع ذلك، ولكي لا يغلق طريق العودة والإنابة بوجه هؤلاء المنافقين العنودين، فإن الله سبحانه قد فتح أبواب التوبة أمامهم بجملة: أو يتوب عليهم - إذا تابوا - ووصف نفسه بالغفور والرحيم إن الله كان غفورا رحيما ليحيي فيهم الحركة نحو الإيمان والصدق والإخلاص والوفاء بالتزاماتهم أمام الله والعمل بمقتضاها.
ولما كانت هذه الجملة قد ذكرت كنتيجة لأعمال المنافقين القبيحة، فإن بعض