حاله منذ مدة لم يتحرك ولم يأكل ولم يشرب ولم ينم (1). ولكن حينما تحطمت العصا، وسقط الجثمان على الأرض تبددت كل هذه الأفكار والأوهام.
على كل حال، فإن تأخير إعلان موت سليمان (عليه السلام) كشف كثيرا من الأمور:
1 - اتضح للجميع أن الإنسان حتى إذا بلغ أوج القدرة والقوة، فلا يزال هو الموجود الضعيف قبال الحوادث، كالقشة في خضم الطوفان يتقاذفها في كل جانب.
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام) في إحدى خطبه " فلو أن أحدا يجد إلى البقاء سلما أو لدفع الموت سبيلا لكان ذلك سليمان بن داود (عليهما السلام) الذي سخر له ملك الجن والإنس مع النبوة وعظيم الزلفة " (2).
2 - اتضح للجميع أن الجن لا يعلمون الغيب، والمغفلين من البشر الذين كانوا يعبدونهم كانوا على خطأ فادح.
3 - اتضحت لجميع الناس أيضا حقيقة إمكان أن يرتبط نظام دولة بموضوع صغير، بوجوده يمكن أن يقوم هذا النظام، وبانهياره ينهار هذا النظام، ومن وراء ذلك تجلت القدرة اللا متناهية للباري عز وجل.
3 3 - سليمان في القرآن والتوراة الحالية يصور القرآن سليمان بصورة نبي عظيم، ذي علم وافر، وتقوى عالية، لم يأسره المقام والمال أبدا، مع كل ما كان له من سلطة في حكومة عظيمة، وقال حينما أرسلت ملكة سبأ - لخداعه - هدايا نفيسة وثمينة أتمدونن بمال فما آتاني الله خير