الطاعة، وهذه الحالة تحصل لأغلب الناس وإن اختلفت درجاتها، أما أعلى مراتبها فلا تحصل إلا لفئة قليلة منهم.
أما " الخشية " فهي الحالة التي تحصل للإنسان لدى إدراكه عظمة الله وهيبته، والخوف من بقائه مبعدا عن أنوار فيضه، وهذه الحالة لا تحصل إلا لأولئك الذين وقفوا على عظمة ذاته المقدسة وجلال كبريائه، وتذوقوا طعم قربه، ولذلك عد القرآن هذه الحالة خاصة بعباد الله العلماء فقال: إنما يخشى الله من عباده العلماء (1).
3 3 - جواب عن سؤال؟
قد يقال: إن هذه الآية تتناقض مع ما مر في الآيات السابقة، فهي تقول هنا: إن أنبياء الله لا يخشون إلا الله، ولا يخشون أحدا غيره، إلا أنه قد ورد في الآيات السابقة: وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه؟
إلا أن الإجابة على هذا السؤال تتضح بتأمل النقطتين التاليتين:
الأولى: أن النبي (صلى الله عليه وآله) إنما كان خائفا من عدم تحمل عدد كبير من الناس لنقض هذه السنة، ومن عدم استيعابهم للمسألة، وبذلك ستتزعزع أسس إيمانهم من هذه الجهة، ومثل هذه الخشية ترجع في الحقيقة إلى خشية الله سبحانه.
والاخرى: أن الأنبياء لا يعيشون حالة الخوف والقلق من شخص ما في تبليغهم رسالات الله، أما في ما يتعلق بأمور الحياة الشخصية والخاصة فلا مانع من أن يخافوا من أمر خطير كاتهام وطعن الناس، أو أن يكونوا كموسى (عليه السلام) إذ خاف - حسب الطبيعة البشرية - عندما ألقى العصا وتحولت إلى ثعبان عظيم، فإن مثل هذا الخوف والاضطراب إذا لم يكن مفرطا لا يعد عيبا ونقصا، بل قد يواجه هذه