وهؤلاء لا يريدون القتال، ويريدون أن يغيروا ويرجعوا إلى ديارهم ويذروكم ومحمدا.
فأرسلوا إلى قريش وغطفان: إنا والله لا نقاتل حتى تعطونا رهنا، فأصرت قريش وغطفان على قولهما فوقع الاختلاف بينهم، وبعث الله سبحانه عليهم الريح في ليال شاتية قارصة البرد، قلعت خيامهم، وكفأت قدورهم.
لقد اتحدت هذه العوامل، فحزم الجميع أمتعتهم ورجحوا الفرار على القرار، ولم يبق منهم رجل في ساحة الحرب (1).
3 ح - قصة حذيفة جاء في كثير من التواريخ أن " حذيفة اليماني " قال: والله، لقد رأيتنا يوم الخندق وبنا من الجهد والجوع والخوف ما لا يعلمه إلا الله، وفي ليلة من الليالي - بعد أن وقع الاختلاف بين جيش الأحزاب - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ألا رجل يأتينا بخبر القوم يجعله الله رفيقي في الجنة ".
قال حذيفة: فوالله ما قام منا أحد مما بنا من الخوف والجوع، فلما رأى النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك دعاني، فقلت: لبيك، قال: " إذهب فجئ بخبر القوم ولا تحدثن شيئا حتى ترجع "، فأتيت القوم فإذا ريح الله وجنوده تفعل بهم ما تفعل، ما يستمسك لهم بناء، ولا تثبت لهم نار، ولا يطمئن لهم قدر، فإني لكذلك إذ خرج أبو سفيان من رحله، ثم قال: يا معشر قريش، لينظر أحدكم من جليسه لئلا يكون هنا غريب، فبدأت بالذي عن يميني، فقلت: من أنت؟ قال: أنا فلان، فقلت: حسنا.
ثم عاد أبو سفيان براحلته، فقال: يا معشر قريش - والله - ما أنتم بدار مقام، هلك الخف والحافر، وأخلفتنا بنو قريظة، وهذه الريح لا يستمسك لنا معها شئ،