بواسطة الأنبياء وتهذيب النفس وتربيتها، فإن كل توهم يبتني على أن الآية أعلاه دليل على الجبر - كما ظن ذلك الفخر الرازي وأمثاله - واضح البطلان.
ولعل الجملة الشديدة القاطعة أعلاه إشارة إلى أن لا تتصوروا أن رحمة الله الواسعة تمنع من عقاب المجرمين الفسقة والظالمين، وأن لا تغتروا بآيات الرحمة وتعدوا أنفسكم بمأمن من العذاب الإلهي، فإن لرحمته موضعا، ولغضبه موضعا.
إنه عز وجل سيفي بوعيده حتما - وخاصة بملاحظة لام القسم في جملة (لأملأن) ونون التوكيد في آخرها - وسيملأ جهنم من أصحابها هؤلاء، وإن لم يفعل فذلك خلاف الحكمة، ولذلك تقول الآية التالية: إنا سنقول لأصحاب النار فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون.
مرة أخرى يستفاد من هذه الآية أن نسيان محكمة القيامة العادلة هو الأساس لكل تعاسة وشقاء للإنسان، لأنه سيرى نفسه في هذه الصورة حرا إزاء ارتكاب القبائح والظلم والعدوان.
وكذلك يستفاد من الآية بوضوح أن العقاب الأبدي للفرد معلول لما ارتكبه من أعمال في دار الدنيا، لا لشئ آخر.
وضمنا يتضح أن المراد من " نسيان الله " هو عدم رعايته ونصرته لهم، وإلا فإن جميع العالم حاضر دوما عند الله، ولا معنى للنسيان بالنسبة له عز وجل.
* * * 2 مسألتان 3 1 - استقلال الروح وأصالتها الآية الأولى من الآيات مورد البحث، والتي لها دلالة على قبض الأرواح بواسطة ملك الموت، من أدلة استقلال روح الإنسان، لأن التعبير بالتوفي (والذي