من ضربة نجلاء يبقى صوتها بعد الهزاهز وهنا قال النبي (صلى الله عليه وآله) كلمته المعروفة: " برز الإيمان كله إلى الشرك كله " (1).
فلما التقيا دعاه أمير المؤمنين علي (عليه السلام) إلى الإسلام أولا، فأبى، ثم دعاه إلى اعتزال الحرب، فرفض ذلك، واعتبره عارا عليه، وفي الثالثة دعاه إلى أن ينزل عن ظهر جواده ويقاتله راجلا، فغضب عمرو وقال: ما كنت أحسب أحدا من العرب يدعوني إلى مثل ذلك، فنزل من على ظهر فرسه وضرب عليا (عليه السلام) على رأسه، فتلقاها علي (عليه السلام) بمهارة خاصة بدرعه، إلا أن السيف قده وشج رأس علي (عليه السلام).
هنا استعمل علي (عليه السلام) أسلوبا خاصا، فقال لعمرو: أنت بطل العرب، وأنا أقاتلك، فعلام حضر من خلفك؟ فلما التفت عمرو، ضربه علي (عليه السلام) على ساقه بالسيف، فسقط عمرو إلى الأرض، فثارت غبرة ظن معها المنافقون أن عليا (عليه السلام) قد قتل بسيف عمرو، غير أنهم لما سمعوا التكبير قد علاء علموا بانتصار علي، ورأوا فجأة عليا (عليه السلام) يرجع إلى معسكره رويدا رويدا والدم ينزف من رأسه، وعلى شفتيه ابتسامة النصر، وكانت جثة عمرو قد سقطت في جانب من الميدان.
لقد أنزل مقتل بطل العرب المعروف ضربة قاصمة بجيش الأحزاب بددت آمالهم وحطمت معنوياتهم، وهزمتهم نفسيا هزيمة منكرة، وخابت آمالهم في النصر والظفر، ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حقها: " لو وزن اليوم عملك بعمل جميع أمة محمد لرجح عملك على عملهم، وذاك أنه لم يبق بيت من المشركين إلا وقد دخله ذل بقتل عمرو، ولم يبق بيت من المسلمين، إلا وقد دخله عز يقتل عمرو " (2).