فإن (بعد) إما أن تعني (بعد) الزمانية، أي لا تتخذ زوجة بعد هذا الزمان، أو أن المراد أنك بعد أن خيرت أزواجك بين البقاء معك والحياة حياة بسيطة في بيتك، وبين فراقهن، وقد رجحن البقاء معك عن رغبة منهن، فلا ينبغي أن تتزوج بعدهن بامرأة أخرى.
وكذلك لا يمكنك أن تطلق بعضهن وتختار مكانهن زوجات اخر. وبتعبير آخر:
لا تزد في عددهن، ولا تبدل الموجود منهن.
* * * 2 مسائل مهمة:
3 1 - فلسفة هذا الحكم:
إن هذا التحديد للنبي (صلى الله عليه وآله) لا يعتبر نقصا، بل هو حكم له فلسفة دقيقة جدا، فطبقا للشواهد التي تستفاد من التأريخ، أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان تحت ضغط شديد من قبل مختلف الأفراد والقبائل بأن يتزوج بنساء اخر منهم، وكل واحدة من القبائل المسلمة كانت تفتخر على قبائل العرب بأن النبي قد صاهرهم وحتى أن بعض النساء كن على استعداد أن يهبن أنفسهن للنبي بدون مهر - كما مر ذلك - ويتزوجنه بدون أي قيد أو شرط.
كانت هذه العلاقة الزوجية مع تلك القبائل والأقوام حلا لمشاكل النبي (صلى الله عليه وآله) ومحققة لأهدافه الاجتماعية والسياسية، غير أنها إذا تجاوزت الحد، فمن الطبيعي أن تخلق له المشاكل بنفسها، وبما أن كل قبيلة كانت تأمل أن يتزوج النبي منها، فلو أراد النبي (صلى الله عليه وآله) أن يحقق آمال الجميع، ويختار منهم أزواجا، حتى وإن كانت بمجرد العقد ولا يدخل بها، فإن ذلك سيوجد له مصاعب جمة. ولذلك فإن الله الحكيم قد منع هذا الأمر ووقف دونه بإصدار قانون محكم، فنهاه عن الزواج الجديد، وعن تبديل أزواجه.