كبار المفسرين رأى على أساسها بأن الذنب الكبير في القلوب التي لها قابلية الهداية ربما كان دفعا للحركة المضادة والرجوع إلى الحق والحقيقة، وقد يكون الشر مفتاحا للخير والرشاد (1).
وتطرح الآية الأخيرة من هذه الآيات - والتي تتحدث عن غزوة الأحزاب وتنهي هذا البحث - خلاصة واضحة لهذه الواقعة في عبارة مختصرة، فتقول في الجملة الأولى: ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا.
" الغيظ " يعني (الغضب) ويأتي أحيانا بمعنى (الغم)، وهنا جاء مزيجا من المعنيين، فإن جيوش الأحزاب قد بذلت قصارى جهدها للانتصار على جيش الإسلام، لكنها خابت، ورجع جنود الكفر إلى أوطانهم يعلوهم الغم والغضب.
والمراد من " الخير " هنا الانتصار في الحرب، ولم يكن انتصار جيش الكفر خيرا أبدا، بل إنه شر، ولما كان القرآن يتحدث من وجهة نظرهم الفكرية عبر عنه بالخير، وهو إشارة إلى أنهم لم ينالوا أي نصر في هذا المجال.
وقال البعض: إن المراد من " الخير " هنا (المال) لأن هذه الكلمة أطلقت في مواضع أخرى بهذا المعنى، ومن جملتها ما في آية الوصية (180) من سورة البقرة:
إن ترك خيرا الوصية للوالدين.
ومع أن أحد الأهداف الأصلية لمعسكر الكفر كان الحصول على غنائم المدينة والإغارة على هذه الأرض، وهذا الباعث كان أهم البواعث في عصر الجاهلية، لكننا لا نمتلك الدليل على حصر معنى (الخير) هنا بالمال، بل يشمل كل الانتصارات التي كانوا يطمحون إليها، وكان المال أحدها لكنهم حرموا من الجميع.
وتضيف في الجملة التالية: وكفى الله المؤمنين القتال فقد هيأ عوامل بحيث