الميادين.
" الأسوة " تعني في الأصل الحالة التي يتلبسها الإنسان لدى اتباعه لآخر، وبتعبير آخر: هي التأسي والاقتداء، وبناء على هذا فإن لها معنى المصدر لا الصفة، ومعنى جملة: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة هو أن لكم في النبي (صلى الله عليه وآله) تأسيا واقتداء جيدا، فإنكم تستطيعون بالاقتداء به واتباعه أن تصلحوا أموركم وتسيروا على الصراط المستقيم.
والطريف أن القرآن الكريم يعتبر هذه الأسوة الحسنة في الآية أعلاه مختصة بمن لهم ثلاث خصائص: الثقة بالله، والإيمان بالمعاد، وأنهم يذكرون الله كثيرا.
إن الإيمان بالمبدأ والمعاد هو سبب وباعث هذه الحركة في الحقيقة، وذكر الله يعمل على استمراره، إذ لا شك أن من لم يمتلئ قلبه بهكذا إيمان لا يقدر أن يضع قدمه موضع قدم النبي، وإذا لم يدم ذكر الله ويعمر قلبه به أثناء استمراره في هذا الطريق، ويبعد الشياطين عنه، فسوف لا يكون قادرا على إدامة التأسي والاقتداء.
وتجدر الإشارة إلى أن عليا (عليه السلام) مع شهامته وشجاعته في كل ميادين الحرب، والتي تمثل معركة الأحزاب نموذجا منها، وسيشار إليها فيما بعد، يقول في نهج البلاغة فيما روي عنه: " كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يكن أحد منا أقرب إلى العدو منه " (1).
بعد ذكر هذه المقدمة تطرقت الآية التالية إلى بيان حال المؤمنين الحقيقيين، فقالت: ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما.
ولكن ما هذا الوعد الذي كان الله ورسوله قد وعدهم به؟
قال البعض: إنه إشارة إلى الكلام الذي كان رسول الله قد تكلم به من قبل بأن