قبائل العرب ومختلف أعدائكم سيتحدون ضدكم قريبا ويأتون إليكم، لكن اعلموا أن النصر سيكون حليفكم في النهاية، فلما رأى المؤمنون هجوم الأحزاب أيقنوا أن هذا ما وعدهم به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقالوا: ما دام الجزء الأول من الوعد قد تحقق، فمن المسلم أن جزأه الثاني - أي النصر - سيتحقق بعده، ولذلك زاد إيمانهم وتسليمهم.
وقال البعض الآخر: إن هذا الوعد هو ما ذكره الله سبحانه في الآية (214) من سورة البقرة حيث قال: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله.
أي إنهم قيل لهم من قبل: إنكم ستخضعون لامتحان عسير، فلما رأوا الأحزاب تيقنوا صدق إخبار الله ورسوله، وزاد إيمانهم وتسليمهم.
ومن الطبيعي أن هذين التفسيرين لا يتنافيان، خاصة بملاحظة أن أحد الوعدين كان في الأساس وعد الله، والآخر وعد الرسول (صلى الله عليه وآله)، وقد جاءا معا في الآية مورد البحث، ويبدو أن الجمع بينهما مناسب تماما.
وتشير الآية التالية إلى فئة خاصة من المؤمنين، وهم الذين كانوا أكثر تأسيا بالنبي (صلى الله عليه وآله) من الجميع، وثبتوا على عهدهم الذي عاهدوا الله به، وهو التضحية في سبيل دينه حتى النفس الأخير، وإلى آخر قطرة دم، فتقول: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر من دون أن يتزلزل أو ينحرف ويبدل العهد ويغير الميثاق الذي قطعه على نفسه وما بدلوا تبديلا.
إنهم لم ينحرفوا قيد أنملة عن خطهم، ولم يألوا جهدا في سبيل الله، ولم يتزلزلوا لحظة، بعكس المنافقين أو ضعاف الإيمان الذين بعثرتهم عاصفة الحوادث هنا وهناك وأفرزت الشدائد في أدمغتهم الخاوية أفكارا جوفاء خبيثة.. إن المؤمنين