وقفوا كالجبل الأشم وأثبتوا أن العهد الذي عاهدوا به لا يقبل النقض أو التراجع عنه.
إن لفظة (نحب) على زنة (عهد) تعني العهد والنذر والميثاق، ووردت أحيانا بمعنى الموت، أو الخطر، أو سرعة السير، أو البكاء بصوت مرتفع (1).
وهناك اختلاف بين المفسرين في المعني بهذه الآية.
يروي العالم المعروف (الحاكم أبو القاسم الحسكاني) - وهو من علماء السنة - بسند عن علي (عليه السلام) أنه قال: " فينا نزلت رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فأنا - والله - المنتظر وما بدلت تبديلا، ومنا رجال قد استشهدوا من قبل كحمزة سيد الشهداء " (2).
وقال آخرون: إن جملة من قضى نحبه إشارة إلى شهداء بدر واحد، وجملة:
ومنهم من ينتظر إشارة إلى المسلمين الصادقين الآخرين الذين كانوا بانتظار إحدى الحسنيين: النصر، أو الشهادة.
وروي عن " أنس بن مالك " أيضا: أن عمه " أنس بن النضر " لم يكن حاضرا في غزوة بدر، فلما علم فيما بعد، وكانت الحرب قد وضعت أوزارها، أسف لعدم اشتراكه في الجهاد، فعاهد الله على أن يشارك في الجهاد إن وقعت معركة أخرى ويثبت فيها وإن زهقت روحه، ولذلك فقد شارك في معركة أحد، وحينما فر جماعة لم يفر معهم، وقاوم وصمد حتى جرح ثم استشهد (3).
وروي عن " ابن عباس " أنه قال: إن جملة: منهم من قضى نحبه إشارة إلى حمزة بن عبد المطلب وباقي شهداء أحد، وأنس بن النضر وأصحابه (4).