2 بحث 3 إساءة الاستفادة من آية يدبر الأمر لقد اتخذ بعض أتباع المذاهب المصطنعة المبتدعة (1) الآية أعلاه وسيلة ودليلا لتوجيه مسلكهم ومذهبهم، وأرادوا أن يطبقوا هذه الآية على مرادهم بارتكاب المغالطات والاشتباهات وادعوا أن المراد من " الأمر " في الآية: الدين والمذهب، و " التدبير ": يعني إرسال الدين، و " العروج ": يعني رفع ونسخ الدين! واستنادا إلى هذا فإن كل مذهب أو دين لا يمكنه أن يعمر أكثر من الف سنة، ويجب أن يترك مكانه لدين آخر، وبهذا فإنهم يقولون: إننا نقبل القرآن، لكن، واستنادا إلى نفس هذا القرآن فإن دينا آخر سيأتي بعد مرور الف سنة!
والآن نريد أن نبحث ونحلل الآية المذكورة بحثا محايدا، لنرى هل يوجد فيها ارتباط بما يدعيه هؤلاء، أم لا؟ ونغض النظر عن أن هذا المعنى بعيد عن مفهوم الآية إلى الحد الذي لا يخطر على ذهن أي قارئ خالي الذهن.
إننا نرى - بعد الدقة - أن ما يقولونه لا ينسجم مع مفهوم الآية، بل إنه مشكل بصورة واضحة من جهات كثيرة:
1 - إن تفسير كلمة " الأمر " بالدين لا دليل عليه، بل تنفي آيات القرآن الأخرى ذلك، لأن كلمة الأمر قد استعملت في آيات أخرى بمعنى أمر الخلق، مثل إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. (2) وقد استعملت كلمة الأمر في هذه الآية، وآيات أخرى مثل: الآية 50 / سورة القمر، الآية (27) من سورة المؤمنون، الآية (54) من سورة الأعراف، (32) من سورة إبراهيم، (12) من سورة النحل، (25) من سورة الروم، (12) من سورة الجاثية، بمعنى الأمر التكويني، لا بمعنى تشريع الدين والمذهب.