وغير العارفين يطلقون صفة " التوحش " على هذه الأحاسيس الصادرة من أهل المنطقة، حتى استطاع عدة معدودة من علماء الآثار يدفعهم التعلق الشديد بكشف الأسرار الأثرية النفوذ إلى قلب مدينة " مأرب " وما حولها. واكتشفوا مجموعة من الأحجار الحاوية للخطوط والنقوش الكثيرة، وبعد ذلك تعاقبت مجاميع المنقبين في القرن التاسع عشر الميلادي ناقلين معهم في كل مرة مجموعة من النقوش والخطوط والآثار، وبالاستفادة من تلك الآثار، التي ناهزت الألف أثر، أطلع العلماء على جزئيات وخصوصيات حضارة هؤلاء القوم، وعلى تأريخ بناء " سد مأرب " وخصوصيات أخرى، وثبت للغربيين بأن ما ذكره القرآن الكريم بهذا الخصوص لم يكن أسطورة، بل واقع تاريخي لم يكونوا قد اطلعوا عليه، وبعد ذلك استطاعوا رسم مخطط كامل لذلك السد العظيم وتشخيص منافذ عبور المياه فيه، والجداول الخاصة بالبساتين والمزارع يمينا وشمالا وسائر خصوصيات المنطقة الأخرى.
3 3 - لفتات هامة للعبرة في قصة قصيرة إن التعرض لسرد قصة قوم سبأ بعد قصة سليمان (عليه السلام) له مفهوم خاص:
1 - إن داود وسليمان (عليهما السلام) كانا نبيين عظيمين استطاعا تشكيل حكومة قوية، وإيجاد حضارة مشرقة تلاشت بوفاتهم، وكذلك الحضارة الكبرى التي أقامها قوم سبأ تلاشت بانهيار سد مأرب!!
والجدير بالملاحظة أن الروايات تشير إلى أن عصا سليمان (عليه السلام) أكلتها حشرة " الأرضة "، كما أن سد مأرب نخرته الجرذان الصحراوية، كي يعلم هذا الإنسان المغرور بأن النعم المادية مهما كانت عظيمة ومصدرا للخير، فإنها أحيانا تتلاشي بواسطة حشرة أو حيوان ضعيف يقلب عاليها أسفلها. وبالنتيجة ينتبه المؤمنون