3 2 - أمنوا على أموالكم بتأمين إلهي!!
لأحد المفسرين تحليل جميل بهذا الخصوص، يقول: " ثم إن من العجب أن التاجر إذا علم أن مالا من أمواله في معرض الهلاك يبيعه نسيئة وإن كان من الفقراء، ويقول بأن ذلك أولى من الإمهال إلى أن يهلك المال، فإن لم يبع حتى يهلك ينسب إلى الخطأ، ثم إن حصل به كفيل ملئ ولا يبيع ينسب إلى قلة العقل.
فإن حصل به رهن وكتب به وثيقة ولا يبيعه ينسب إلى الجنون، ثم إن كل أحد يفعل هذا ولا يعلم أن ذلك قريب من الجنون، فإن أموالنا كلها في معرض الزوال المحقق، والإنفاق على الأهل والولد إقراض، وقد حصل الضامن الملئ وهو الله العلي وقال تعالى: وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه ثم رهن عند كل واحد إما أرضا أو بستانا أو طاحونة، أو حماما أو منفعة، فإن الإنسان لابد أن يكون له صفة أو جهة يحصل له منها مال، وكل ذلك ملك الله، وهو في يد الإنسان بحكم العارية، فكأنه مرهون بما تكفل الله من رزقه ليحصل له الوثوق التام، ومع هذا لا ينفق ويترك ماله ليتلف لا مأجورا ولا مشكورا " (1).
3 3 - سعة مفهوم الإنفاق:
لأجل فهم الحد لمفهوم الإنفاق في الإسلام، نطالع الحديث التالي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) إذ يقول: " كل معروف صدقة، وما أنفق الرجل على نفسه وأهله كتب له صدقة، وما وقى به الرجل عرضه فهو صدقة، وما أنفق الرجل من نفقة فعلى الله خلفها، إلا ما كان من نفقة في بنيان أو معصية " (2).
يبدو أن استثناء البنيان من قانون الإخلاف، لأن عين البناء باقية، أو لأنه يكثر توجه الناس إليه.
* * *