والجن) فشيطان الجن يوسوس، وشيطان الإنس يأتي علانية، ويري أنه ينصح وقصده الشر.
قال مجاهد: الخناس: الشيطان إذا ذكر اسم الله سبحانه خنس وانقبض، وإذا لم يذكر الله انبسط على القلب. ويؤيده ما روي عن انس بن مالك أنه قال: قال رسول الله (ص): " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله سبحانه خنس، وإذا نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس ". وقيل: الخناس معناه الكثير الاختفاء بعد الظهور، وهو المستتر المختفي من أعين الناس، لأنه يوسوس من حيث لا يرى بالعين. وقال إبراهيم التيمي: أول ما يبدو الوسواس من قبل الوضوء. وقيل: إن معنى قوله يوسوس في صدور الناس، يلقي الشغل في قلوبهم بوسواسه، والمراد أن له رفقاء به يوصل الوسواس إلى الصدر، وهو أقرب من خلوصه بنفسه إلى صدره. وفي هذا إشارة إلى أن الضرر يلحق من جهة هؤلاء، وأنهم قادرون على ذلك، ولولاه لما حسن الأمر بالاستعاذة منهم. وفيه دلالة على أنه لا ضرر ممن يتعوذ به، وإنما الضرر كله ممن يتعوذ منه. ولو كان سبحانه خالقا للقبائح، لكان الضرر كله منه، جل وعز. وفيه إشارة أيضا إلى أنه سبحانه يراعي حال من يتعوذ به، فيكفيه شرورهم، ولولا ذلك لما دعاه إلى التعوذ به من شرورهم.
ولما وصف سبحانه نفسه بأنه الرب الإله الغني عن الخلق، فإن من احتاج إلى غيره، لا يكون إلها. ومن كان غنيا عالما لغناه، لا يختار فعل القبيح، ولهذا حسنت الإستعاذة به من شر غيره.
وروى عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا قرأت (قل أعوذ برب الفلق) فقل في نفسك: أعوذ برب الفلق. وإذا قرأت (قل أعوذ برب الناس قل في نفسك: أعوذ برب الناس. وروى العياشي بإسناده عن أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمد قال: قال رسول الله (ص): (ما من مؤمن إلا ولقلبه في صدره أذنان: أذن ينفث فيها الملك، وأذن ينفث فيها الوسواس الخناس، فيؤيد الله المؤمن بالملك، وهو قوله سبحانه (وأيدهم بروح منه).