صيحة من السماء، فأهلكتهم جميعا، ولم يبق منهم أحد، وسيدخلها في زمانك رجل من المسلمين، أحمر أشقر قصير، على حاجبه خال، وعلى عنقه خال، يخرج في طلب إبل له في تلك الصحارى، والرجل عند معاوية. فالتفت كعب إليه وقال:
هذا والله ذلك الرجل.
ثم قال سبحانه: (وثمود الذين جابوا الصخر بالواد) أي وكيف فعل بثمود الذين قطعوا الصخر ونقبوها بالوادي الذي كانوا ينزلونه، يعني وادي القرى. قال ابن عباس: كانوا ينحتون الجبال فيجعلون منها بيوتا، كما قال الله تعالى (وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين). (وفرعون) أي وكيف فعل فرعون الذي أرسل إليه موسى (ذي الأوتاد) أي ذي الجنود الذين كانوا يشيدون أمره، عن ابن عباس، وسماهم أوتادا، لأنهم قواد عسكره الذين بهم قوام أمره. وقيل: كان يشد الرجل بأربعة أوتاد على الأرض، إذا أراد تعذيبه، ويتركه حتى يموت، عن مجاهد. وعن ابن مسعود قال: وتد امرأته بأربعة أوتاد، ثم جعل على ظهرها رحى عظيمة، حتى ماتت. وقد مر بيانه في سورة ص.
(الذين طغوا في البلاد) يعني عادا وثمود وفرعون، طغوا أي تجبروا في البلاد على أنبياء الله، وعملوا فيها بمعصية الله (فأكثروا فيها) أي في الأرض، أو في البلاد (الفساد) أي القتل والمعصية، عن الكلبي. ثم بين سبحانه ما فعله بهم عاجلا بأن قال: (فصب عليهم ربك سوط عذاب) أي فجعل سوطه الذي ضربهم به العذاب، عن الزجاج. وقيل: معناه صب عليهم قسط عذاب، كالعذاب بالسوط الذي يعرف. أراد ما عذبوا به. وقيل. إن كل شئ عذب الله به فهو سوط، فأجرى على العذاب اسم السوط مجازا، عن قتادة. شبه سبحانه العذاب الذي أحله بهم، وألقاه عليهم بانصباب السوط وتواتره على المضروب حتى يهلكه.
(إن ربك لبالمرصاد) أي عليه طريق العباد، فلا يفوته أحد، عن الكلبي والحسن وعكرمة. والمعنى: إنه لا يفوته شئ من أعمالهم، لأنه يسمع ويرى جميع أقوالهم وأفعالهم، كما لا يفوت من هو بالمرصاد. وروي عن علي عليه السلام أنه قال:
معناه أن ربك قادر على أن يجزي أهل المعاصي جزاءهم. وعن الصادق عليه السلام أنه قال: المرصاد قنطرة على الصراط، لا يجوزها عبد بمظلمة عبد. وقال عطاء: يعني يجازي كل واحد، وينتصف من الظالم للمظلوم. وقيل لأعرابي: أين ربك؟ قال: