بالموقف. وقيل: الشفع يوم التروية، والوتر يوم عرفة، وروي ذلك عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليه السلام. وقيل: إن الشفع والوتر في قول الله، عز وجل: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه) فالشفع: النفر الأول، والوتر: يوم النفر الأخير، وهو الثالث. وأما الليالي العشر فالثماني من ذي الحجة، وعرفة، والنحر، عن ابن الزبير. وقيل: الوتر آدم شفع بزوجته، عن ابن عباس. وقيل:
الشفع الأيام والليالي، والوتر اليوم الذي لا ليل بعده، وهو يوم القيامة، عن مقاتل بن حيان. وقيل: الشفع صفات المخلوقين، وتضادها العز والذل، والوجود والعدم، والقدرة والعجز، والعلم والجهل، والحياة والموت. والوتر صفة الله تعالى إذ هو الموجود لا يجوز عليه العدم، والقادر لا يجوز عليه العجز، والعالم لا يجوز عليه الجهل، والحي لا يجوز عليه الموت. وقيل: الشفع علي وفاطمة عليهما السلام، والوتر محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: الشفع الصفا والمروة، والوتر البيت الحرام.
(والليل إذا يسر) اختلفوا في المراد به على وجهين أحدهما: إنه أراد جنس الليالي، كما قال (والليل إذ أدبر) أقسم بالليل إذ يمضي بظلامه، فيذهب حتى ينقضي بالضياء المبتدئ، ففي سيره على المقادير المرتبة، ومجيئه بالضياء عند تقضيه، أدل دلالة على أن فاعله يختص بالعز والجلال، ويتعالى عن الأشباه والأمثال. وقيل: إنه إنما أضاف السير إليه لأن الليل يسير بمسير الشمس في الفلك، وانتقالها من أفق إلى أفق. وقيل: إذا يسري إذا جاء وأقبل إلينا، ويريد كل ليلة، عن قتادة والجبائي. والوجه الآخر: إن المراد به ليلة بعينها، تمييزا لها من بين الليالي. ثم قيل: إنها ليلة المزدلفة لاختصاصها باجتماع الناس فيها بطاعة الله تعالى، وفيها يسري الحاج من عرفة إلى المزدلفة، ثم يصلي الغداة بها، ويغدو منها إلى منى، عن مجاهد وعكرمة والكلبي.
(هل في ذلك قسم لذي حجر) أي. هل فيما ذكر من الأقسام مقنع لذي عقل ولب، يعقل القسم والمقسم به. وهذا تأكيد وتعظيم لما وقع القسم به، والمعنى:
إن من كان ذا لب، علم أن ما أقسم الله به من هذه الأشياء فيه عجائب ودلائل على توحيد الله، توضح عن عجائب صنعه، وبدائع حكمته. ثم اعترض بين القسم وجوابه بقوله: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد) وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتنبيه للكفار على ما فعله سبحانه بالأمم السالفة، لما كفرت بالله