(ولا تحضون على طعام المسكين) أي ولا تحثون على إطعامه، ولا تأمرون بالتصدق عليه. ومن قرأ (لا تحاضون) أراد لا يحض بعضكم بعضا على ذلك.
والمعنى: إن الإهانة ما فعلتموه من ترك إكرام اليتيم، ومنع الصدقة من الفقير، لا ما توهمتموه. وقيل: إن المراد إنما أعطيتكم المال لذلك، فإذا لم تفعلوه، فذلك يوجب إهانتكم. (وتأكلون التراث) أي الميراث. وقيل: أموال اليتامى، عن أبي مسلم، قال: ولم يرد الميراث الحلال، لأنه لا يلام آكله عليه. قال الحسن: يأكل نصيبه ونصيب اليتيم، وذلك أنهم كانوا لا يورثون النساء والصبيان، ويأكلون أموالهم. وقيل: يأكلون الميراث فيما يشتهون، ولا يتفكرون في اخراج ما أوجب الله عليهم من الحقوق فيه. (أكلا لما) شديدا تلمون جميعه في الأكل. وقيل: هو أن يأكل نصيبه ونصيب غيره، عن الحسن. وقيل: هو أن يأكل ما يجده، ولا يفكر فيما يأكله من خبيث وطيب، عن ابن زيد.
(وتحبون المال حبا جما) أي كثيرا شديدا، عن ابن عباس، ومجاهد.
والمعنى: تحبون جمع المال، وتولعون به، فلا تنفقونه في خير. وقيل: يحبون كثرة المال من فرط حرصهم، فيجمعونه من غير وجهه، ويصرفونه في غير وجهه، ولا يتفكرون في العاقبة. ثم قال سبحانه: (كلا) أي لا ينبغي أن يكون الأمر هكذا. وقال مقاتل: معناه لا يفعلون ما أمروا به في اليتيم والمسكين. وقيل: كلا زجر تقديره لا تفعلوا هكذا. ثم خوفهم فقال. (إذا دكت الأرض دكا دكا) أي كسر كل شئ على ظهرها من جبل، أو بناء، أو شجر، حتى زلزلت، فلم يبق عليها شئ، يفعل ذلك مرة بعد مرة. وقيل. دكت الأرض أي مدت يوم القيامة مد الأديم، عن ابن عباس. وقيل: دقت جبالها وأنشازها حتى استوت، عن ابن قتيبة. والمعنى: استوت في انفراشها، وذهاب دورها وقصورها وسائر أبنيتها، حتى تصير كالصحراء الملساء.
(وجاء ربك) أي أمر ربك وقضاؤه ومحاسبته، عن الحسن والجبائي. وقيل:
جاء أمره الذي لا أمر معه، بخلاف حال الدنيا، عن أبي مسلم. وقيل: جاء جلائل آياته، فجعل مجيئها مجيئه تفخيما لأمرها. وقال بعض المحققين: المعنى وجاء ظهور ربك لضرورة المعرفة به، لأن ظهور المعرفة بالشئ، يقوم مقام ظهوره ورؤيته. ولما صارت المعارف بالله في ذلك اليوم ضرورية، صار ذلك كظهوره