وبأنبيائه، وكانت أطول أعمارا، وأشد قوة، وعاد قوم هود. واختلفوا في إرم على أقوال:
أحدها: إنه اسم لقبيلة. قال أبو عبيدة: هما عادان فالأولى هي إرم، وهي التي قال الله تعالى فيهم (وإنه أهلك عادا الأولى) وقيل: هو جد عاد، وهو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، عن محمد بن إسحاق. وقيل: هو سام بن نوح نسب عاد إليه، عن الكلبي. وقيل: إرم قبيلة من قوم عاد، كان فيهم الملك، وكانوا بمهرة. وكان عاد أباهم، عن مقاتل وقتادة وثانيها: إن إرم اسم بلد. ثم قيل: هو دمشق، عن ابن سعيد المقري، وسعيد بن المسيب، وعكرمة. وقيل: هو مدينة الإسكندرية، عن محمد بن كعب القرظي. وقيل: هو مدينة بناها شداد بن عاد، فلما أتمها وأراد أن يدخلها، أهلكه الله بصيحة نزلت من السماء وثالثها: إنه ليس بقبيلة ولا بلد، بل هو لقب لعاد، وكان عاد يعرف به، عن الجبائي. وروي عن الحسن أنه قرأ بعاد إرم على الإضافة. وقيل: هو اسم آخر لعاد، وكان له اسمان. ومن جعله بلدا فالتقدير في الآية بعاد صاحب إرم. وقوله: (ذات العماد) يعني أنهم كانوا أهل عمد سيارة في الربيع، فإذا هاج النبت رجعوا إلى منازلهم، عن ابن عباس في رواية عطاء والكلبي عن قتادة. وقيل: معناه ذات الطول والشدة، عن ابن عباس ومجاهد، من قول العرب. رجل معمد للطويل، ورجل طويل العماد أي القامة.
ثم وصفهم سبحانه فقال. (التي لم يخلق مثلها في البلاد) أي لم يخلق في البلاد مثل تلك القبيلة في الطول، والقوة، وعظم الأجسام، وهم الذين قالوا: (من أشد منا قوة). وروي أن الرجل منهم كان يأتي بالصخرة، فيحملها على الحي، فيهلكهم. وقيل: ذات العماد أي ذات الأبنية العظام المرتفعة، عن الحسن. وقال ابن زيد: ذات العماد في أحكام البنيان التي لم يخلق مثلها أي مثل أبنيتها في البلاد.
قصة إرم ذات العماد قال وهب بن منبه: خرج عبد الله بن قلابة في طلب إبل له، شردت، فبينا هو في صحارى عدن، إذ هو قد وقع في مدينة في تلك الفلوات، عليها حصن، وحول الحصن قصور كثيرة، وأعلام طوال. فلما دنا منها، ظن أن فيها أحدا يسأله عن