مقترنين [53] * فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين [54] *.
القراءة: قرأ حفص ويعقوب وسهل: (أسورة). والباقون: (أساورة).
الحجة: الأسورة: جمع سوار مثل سقاء وأسقية، وخوان وأخونة. ومن قرأ (أساورة) جعله جمع أسوار، فتكون الهاء عوضا عن الياء التي كانت ينبغي أن تلحق في جمع أسوار على حد إعصار وأعاصير. ويجوز في أساورة أن يكون جمع أسورة، فيكون مثل أسقية وإساق. ولحق الهاء كما لحق في قشعم وقشاعمة (1).
المعنى: ثم ذكر سبحانه حديث موسى عليه السلام فقال: (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا) أي بالحجج الباهرة، والمعجزات القاهرة (إلى فرعون وملئه) أي أشراف قومه. وخص الملأ بالذكر، وإن كان أيضا مرسلا إلى غيرهم، لأن من عداهم تبع لهم (فقال) موسى (إني رسول رب العالمين) أرسلني إليكم (فلما جاءهم بآياتنا) أي فلما أظهر المعجزات التي هي اليد البيضاء والعصا. (إذا هم منها يضحكون) استهزاء واستخفافا، وجهلا منهم بما عليهم من ترك النظر فيها، وبما لهم من النفع بحصول العلم بها. (وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها) المراد بذلك: ما ترادف عليهم من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمس، وكانت كل آية من هذه الآيات أكبر من التي قبلها، وهي العذاب المذكور في قوله: (وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون) لأنهم عذبوا بهذه الآيات، وكانت عذابا لهم ومعجزات لموسى عليه السلام، فغلب عليهم الشقاء، ولم يؤمنوا.
(وقالوا يا أيها الساحر) يعنون بذلك: يا أيها العالم. وكان الساحر عندهم عظيما يعظمونه، ولم يكن صفة ذم، عن الكلبي والجبائي. وقيل: إنما قالوا استهزاء بموسى عليه السلام، عن الحسن. وقيل: معناه يا أيها الذي سلبنا بسحره، تقول العرب: خاصمته فخصمته، وحاججته فحججته، فكذلك ساحرته (2). وأرادوا أنه غالب السحرة فغلبهم بسحره. (أدع لنا ربك بما عهد عندك) أي: بما زعمت أنه عهد عندك وهو أنه ضمن لنا أنا إذا آمنا بك أن يكشف العذاب عنا. (إننا لمهتدون)