فقال: (وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين) نفوسهم بما جنوا عليها من العذاب (ونادوا يا مالك) أي ويدعون خازن جهنم، فيقولون: يا مالك (ليقض علينا ربك) أي ليمتنا ربك حتى نتخلص ونستريح من هذا العذاب (قال) أي: فيقول مالك مجيبا لهم: (إنكم ماكثون) أي لابثون دائمون في العذاب. قال ابن عباس، والسدي: إنما يجيبهم مالك بذلك بعد ألف سنة. وقال عبد الله بن عمر: بعد أربعين عاما. (لقد جئناكم) أي: يقول الله تعالى لقد أرسلنا إليكم الرسل (بالحق) أي جاءكم رسلنا بالحق، وأضافه إلى نفسه لأنه كان بأمره. وقيل: هو من قول مالك، وإنما قال: (لقد جئناكم) لأنه من الملائكة، وهم من جنس الرسل، عن الجبائي. (ولكن أكثركم) معاشر الخلق (للحق كارهون) لأنكم ألفتم الباطل فكرهتم مفارقته.
(أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون) أي بل أحكموا أمرا في كيد محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمكر به، فإنا مبرمون أي محكمون أمرا في مجازاتهم. (أم يحسبون) أي بل أيظن هؤلاء الكفار (أنا لا نسمع سرهم ونجواهم) أي ما يسرونه من غيرهم، ويتناجون به بينهم. والسر ما يضمره الانسان في نفسه، ولا يظهره لغيره. والنجوى ما يحدث به المحدث غيره في الخفية. (بلى) (1) نسمع ذلك، وندركه (ورسلنا لديهم يكتبون) ما يقولونه ويفعلونه - يعني الحفظة - وسبب نزول الآية مذكور في تفسير أهل البيت عليه السلام.
(قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) اختلف في معناه على أقوال أحدها: إن معناه إن كان للرحمن ولد في قولكم، وعلى زعمكم، فأنا أول العابدين أي: أول من عبد الله وحده (2) فقد دفع أن يكون له ولد. والمعنى: فأنا أول الموحدين لله، المنكرين لقولكم، عن مجاهد. وثانيها: إن (إن) بمعنى ما النفي. والمعنى: ما كان للرحمن ولد، فأنا أول العابدين لله، المقرين بذلك، عن ابن عباس وقتادة وابن زيد. وثالثها: إن معناه لو كان له ولد، لكنت أنا أول الآنفين من عبادته، لأن من كان له ولد لا يكون إلا جسما محدثا، ومن كان كذلك لا يستحق